روائع مختارة | قطوف إيمانية | الرقائق (قوت القلوب) | رأس مالكِ بين الإستثمار والإهدار

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
روائع مختارة
الصفحة الرئيسية > روائع مختارة > قطوف إيمانية > الرقائق (قوت القلوب) > رأس مالكِ بين الإستثمار والإهدار


  رأس مالكِ بين الإستثمار والإهدار
     عدد مرات المشاهدة: 2094        عدد مرات الإرسال: 0

هل تدبرتِ ماذا يعني أن ينقضي عام ويأتي عام آخر؟

إنها تلك الأيام من العمر.. إنه الزمن الذي منحكِ الله إياه للحياة في هذه الدنيا، والتي حكم سبحانه أنها ليست دار مستقر، بل هي دار ممر، وأمر بالتزود فيها لما بعدها، فهي تعتبر إعداد وتجهيز للحياة العليا الأبدية.

قال تعالى: {مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَنْ نُرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلَاهَا مَذْمُوماً مَدْحُوراً*وَمَنْ أَرَادَ الْآَخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُوراً} [الإسراء:19-18].

إنه الوقت الذي هو رأس مالكِ الوحيد الجدير بالإلتفات إليه والإنتباه له، فإن وفقكِ الله لإستثماره وإنفاقه في تزكية نفسك كان ثمنا لجنه ربكِ، وأن تشملكِ رحمته، فهو وعاء لعملكِ الصالح، وقد أقسم العزيز سبحانه على ذلك: {وَالْعَصْرِ*إِنَّ الإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ*إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ} [سورة العصر].

والعصر هو الوقت، وهو الزمن، إنه بضعة أيام كلما إنقضى يوم إنقضى بضع من الإنسان.

خبراء التجارة يقررون أن الخسارة الحقيقية في التجارة هي خسارة رأس المال، فالليل مهما طال لابد من طلوع الفجر والعمر مهما طال لابد من نزول القبر.

أيتها المرأة المسلمة إذا أردتِ أن تكوني من الفائزين، وأن تحققي الربح المجزي بإذن الله، عليكِ أولا أن تتعرفي إلى خالقكِ، ولماذا خلقكِ، فتدركين قيمة وقتك وتسارعين في الإستفادة منه والحفاظ عليه، وأن عليكِ أن تُحرِّزيه من كل من يسعى لسرقته وإضاعته، فقد نبه الخالق على ذلك بكلمات قرآنية عظيمة.. {وسارعوا}.. {وسابقوا}.

هذا الوقت الذي هو أنفس وأثمن ما تملكين، من خصائصه:

ـ أنه يمر مَرَّ السحاب، وسرعان ما ينقضي سواء كان زمن سرور وأفراح أو زمن إكتئاب وأتراح، ويظن البعض أن أيام الهموم تسير أبطأ ولكن هذا ليس حقيقي وإنما في شعور صاحب الهم فحسب، وعند الموت يكون العمر كأنه لحظات قال تعالى: {كأنهم يوم يرون ما يوعدون لم يلبثوا إلا ساعة من نهار} [يونس:45].

ـ أن ما مضى منه لا يعود ولا يُعوَّض، قال الحسن البصري: ما من يوم ينشق فجره إلا وينادي: يابن آدم أنا خلق جديد وعلى عملك شهيد فتزوَّد مني فأني لا أعود إلى يوم القيامة.

الأوقات الثقيلة:

الأخت الفاضلة..

حين تمر بكِ أوقات تشعرين فيها أن الوقت لا يتحرك، وأن اللحظات ثقيلة لأحداث تعرِض لكِ فلا تنزعجي فلعلها لحظات وهبها الله لكِ لتُملأ بالطاعات والأعمال الصالحات والذكر والإستغفار، وتكون بعون الله عوضا لكِ عن اوقات فراغ أُهدرت وإنقضت وخلا فيها الذكر والتقوى.

وإعلمي أن ذلك كله سينقضي، وإنما عليكِ التزود، قال صلى الله عليه وسلم «اغتنم خمسا قبل خمس، حياتك قبل موتك، وصحتك قبل سقمك، وفراغك قبل شغلك، وشبابك قبل هرمك، وغناك قبل فقرك» صحيح الجامع.

وقد ورد في بعض الدعية: لا بورك لي في طلوع شمس يوم لم أزدد فيه من الله علما.

كيف تستثمرين وقتك؟

سئل النبي صلى الله عليه وسلم أي الناس خير؟ قال: «من طال عمره وحسن عمله» رواه الترمذي وحسنه.

فإذا رُزقتِ التوفيق في إنفاق وقتك بزيادة العبادات والإحسان إلى الناس مع حرصك على الإخلاص والإتقان، وأن تجعلي عملك الصالح يتغلغل في كل كيانكِ المادي والنفسي والإجتماعي والروحي، فذلك أعظم عند الله وزيادة في ثقل العمل في ميزان الحق، فطول العمر هو حجم العمل الصالح الذي كلما إتسعت رقعته، وعم خيره، وطال أمده، وإشتد تأثيره، كانت ثمرته طول العمر وبركته.

ثم ليكن هدي المصطفى وإتباع سننه هو منهجك في تنظيم حياتك، وإغتنام أوقاتك، وتحصيل الحسنات، والوصول إلى محبة الله، وجبر النقص الحاصل في الفرائض، والعصمة من الوقوع في البدع فتكوني ممن يعظمون شعائر الله.

وانظري بعد ذلك هل لديكِ وقت تنفقيه فيما لا جدوى منه؟

وهل تغلبكِ نفسك على الإنغماس في التفاهات والأفكار السلبية أم أنك أصبحتي من أصحاب الهمم العالية الذين إستجابوا لله ولرسوله عندما دعاهم لما يحييهم؟.. وليكن دعاؤك دومًا: يا حي يا قيوم لا تكلني إلى نفسي طرفة عين.

الكاتب: تهاني الشروني.

المصدر: موقع رسالة المرأة.